الأحد، 26 نوفمبر 2017

الدستور تعريفه انواعه أساليب وضعه مراجعته انهاءه وزواله

من انجاز الطالب   :                                                                                                                       تحت إشراف الدكتور 
             Abdelhak el idrissi                                                                                                                          محمد الأمير  
                 عبد الحق الإدريسي

·       المجموعة: ج= C                                                                                                                         السداسي الثاني S2=
·       مسلك القانون الخاص






السنة الجامعية
2008/2007

ان دستور الدولة هو قانونها الأساسي.فالدولة حينما تظهر للوجود لأول مرة اوحينما تحصل على استقلالها او يتغير شكلها اوتتغير هياكلها بعد المرور من ثورة...يتعين عليها التوفر على شرعية دستورية من خلال وضع دستور او نظام داخلي لها.وككل شخص معنوي لابد ان يكون لها هدا النظام ما عدا ادا كان نظام الحكم فرديا او ديكتاتوريا مطلقا.والدستور كاطار قانوني للحكم لم يبرز للوجود مع دستور ال.م.أ بل يعود الى العهد اليوناني وعهد دساتير المدن الاغريقية (1) اما إذا رجعنا لتاريخ العالم الإسلامي نجد أن أول دستور عرف بالمفهوم الفني الحديث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ويعرف "بالصحيفة"، تلك الوثيقة التي أعدها رسول الإسلام لتنظيم أحوال دولة المدينة بعد أن انتقل إليها من مكة.
البعض يرى بأن الحركة الدستورية أو أول بداية لظهور الدستور تعود إلى القرن الثالث عشر وبالتحديد سنة 1215 عندما منح الملك جان ستير الميثاق الأعظم للنبلاء الانجليز الثائرين عليه. والبعض الآخر يؤكدون بأن تاريخ ظهور الحركة الدستورية الأولى بدأت تظهر معالمها في القرن السابع عشر عندما وضع الجناح المؤيد لكرومويل في المجلس العسكري دستورا، وان كان البرلمان وكرومويل ذاته لم يساندا ذلك المشروع فبقي كذلك بحيث لم يعرض على الشعب، وان كانت بعض نصوصه اعتمدت فيما بعد لتنظيم السلطة وعادت فيما بعد مصدرا لتنظيم السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية (2) وتبدو أهمية الدستور بالنسبة للدولة في كونه يحد من سلطة الحكام داخل الدولة داتها و داخل المجتمع.كما يضفي على الحكم مشروعية دستورية ويمكن ان يكون خطوة في اتجاه ىتأسيس دولة الحق والقانون(خاصة ادا تم وضعه بطريقة ديمقراطية واحترمت مقتضياته)(3)
انطلاقا مما سبق يمكن القول ان مفهوم الدستور يعد من المفاهيم القانونية الرائدة التي تثير مجموعة من الاشكالات الهامة على اعتبار انه يتصدر الرتابة في تدرج الهرمي للقواعد القانونية ومن قبيل هده الاشكالات
ما معنى الدستور؟ماهي انواعه؟ما هي الأساليب التي بتم بها وضع الدساتير؟كيف يتم مراجعة الدساتير؟كيف يتم انهاء الدساتير وزوالها؟ماهي الجهات التي يخول لها حق مراجعة الدستاتير والغائها؟
.. هذا الأسئلة تطرح مبحثين مهمين للغاية ، للإجابة عليها يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة وبسيطة، استنادا بالدرجة الأولى ببعض المراجع العربية المتوفرة عن هذا الموضوع ومن خلال الإرشادات داخل الحصة من طرف الأستاذة. وبالنسبة لعناصر البحث فقد قمنا بتقسيمها إلى مبحثين اساسيان موضحان في خطة البحث الأتية  
خطة البحث
·      المبحث الأول: الدستور  تعريفه انواعه أساليب وضعه
        المطلب الأول :   تعريف الدستور و أنواعه
ü        الفرع الأول: الدساتير المدونة والغير مدونة.
ü        الفرع الثاني:الدساتير المرنة والجامدة .
          الم طلب الثاني : الأساليب التي تنشأ بها الدساتير
    ü     الفرع الأول: أسباب ودوافع وضع الدساتير
          ü    الفرع الثاني: الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير.
·          الفقرة الأولى: أسلوب المنحة.
·          الفقرة   الثانية: أسلوب العقد أو الاتفاق.

                 ü     الفرع الثالث: الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير.
·          الفقرة الأولى: أسلوب الجمعية التأسيسية.
·          الفقرة   الثانية   : أسلوب الاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء الدستوري
·      المبحث الثاني: مراجعة الدستور انهاء   وزواله
                 المطلب الأول : مراجعة الدستور

             المطلب الثاني : انهاء الدستور وزواله

ü       الفرع الأول :   الأسلوب القانوني
ü       الفرع الثاني :    الأسلوب الفعلي
ü       الفرع الثالث :    أثر الثورة على القواعد الدستورية والقواعد القانونية العامة



(1) مطيع المختار. القانون العام.مفاهيم ومؤسسات.-الطبعة الأولى 2007 -دار القلم للطباعة والنشروالتوزيع_الرباط ص 65
( 2) - سعيد بوشعير،القانون الدستوري والنظمالسياسية المقارنة. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، الجزء الأول،1989
(3) مطيع المختار. القانون العام.مفاهيم ومؤسسات.- نفس المصدر السابق ص 65
·      المبحث الأول: الدستور  تعريفه انواعه أساليب وضعه
المطلب الأول :   تعريف الدستوروأنواعه
كلمة الدستور ليست عربية الأصل ولم تذكر القواميس العربية القديمة هذه الكلمة ولهذا فإن البعض يرجح أنها كلمة فارسية الأصل دخلت اللغة العربية عن طريق اللغة التركية، ويقصد بها التأسيس أو التكوين أو النظام .
وفي المبادئ العامة للقانون الدستوري يعرف الدستور على أنه مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها، والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة، أو هو موجز الإطارات التي تعمل الدولة بمقتضاها في مختلف الأمور المرتبطة بالشئون الداخلية والخارجية .
و الدستور هو مجموعة الفواعد الفانونية مكتوبة او عرفية تنظم النظام السياسي في الدولة وتحدد شكلها(منفردة ام مركبة)وشكل الحكم فيها(ملكي او جمهوري)وشكل النظام السياسي(رئاسي ام برلماني)كم تحدد توزيع الاختصاصات بين السلط و طرق الوصول الى الحكم...(1) وتشير بعض الدساتير الى النظام الاقتصادي المطبق(اشتراكي ام رأسمالي) والى الحريات العامة التي يتمتع بها المواطنين(حرية التعبيرةحرية التنقل...)كما تشير بعض الدساتير الى وضع الدولة بالنسبة الى الدين..فبعض الدساتير تشير الى دين الدولة كما هو الحال بالنسبة للمغرب حيث ينص الدستور على ان الأسلام هو دين الدولة في حين ان دساتير اخرى تنص على التفرقة بين الدين والدولة والى علمانية الدولة...(2)وعموما فالدستور يظل تلك القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين الحكام و المحكومين
وحينم نلقي نظرة على محتويات الدساتير نجد ان معظمها يتكون من اأجزاء الثلاثة التالية  : جزء يخص المقتضيات المتعلقة بنظام الحكم.جزء يتعلق بالحقوق و الحريات و الالتزامات.ثم جزء يخص المقتضيات دات الطابع الدستوري والشكلي المحض(3) والدستور يتعلق بتنظيم الدولة باعتبارها مؤسسة المؤسسات السياسية أو المؤسسة ألام لكل المؤسسات داخل الدولة من حيث كيفية تكوينها واختصاصهتا وكيفية مباشرتها لهذه الاختصاصات وحدود وضوابط هذه الاختصاصات ، كذلك علاقة سلطات الدولة ببعضها ، وعلاقتها بالمواطنين ، كذلك فان الدستور لابد وان يعني بحقوق المواطنين في مواجهة السلطات العامة وكيفية حماية هذه الحقوق هذا هو المعني العام الموجز للدستور وقد دأب فقهاء القانون العام بصفة عامة و القانون الدستوري بصقة خاصة على تعريف الدستور انطلاقا من معيارين احدهم شكلي والأخر موضوعي 
والمعيار الشكلي للدستور ينصرف إلى الوثيقة الدستورية ذاتها لا يعدوها ومفهوم الدستور وفقا لهذا المعني هو انه عبارة عن القواعد القانونية الواردة في الوثيقة التي تحوي النصوص الدستورية . وكل قاعدة لا تضمها هذه الوثيقة لا تعد – بالمعني الشكلي – قاعدة دستورية . كذلك فان كل قاعدة يتضمنها نص من نصوص هذه الوثيقة يعتبر في كل الأحوال قاعدة دستورية هذا هو المعني الشكلي للدستور وهذا المعني يثير لدي كثير من فقهاء القانون الدستوري تساؤلات تحمل معني الاعتراض علي هذا الاتجاه الشكلي لمفهوم الدستور .
وجملة ما يذهب إليه أصحاب هذه الاعتراضات من أنصار المذهب الموضوعي هو أن القواعد الدستورية لا تتطابق دائما مع الوثيقة الدستورية . فقد توجد قواعد دستورية لا تضمها الوثيقة الدستورية - قوانين الانتخابات وتنظيم القضاء والقضاء الدستوري – وقد توجد علي العكس في الوثيقة الدستورية من النصوص ما لا يعالج موضعا دستوريا كالنص الذي ينص علي إلغاء عقوبة الإعدام مثلا ويري أصحاب هذا المذهب أن الأخذ بالمعيار الموضوعي الذي ينظر إلى موضوع او مضمون القاعدة لا إلى شكلها هو الذي يجنينا هذه المشاكل الدستورية ولا يجعلنا اسري الوثيقة الدستورية والحقيقة أننا نري مبالغة كبيرة في وضع المعيار الشكلي والمعيار الموضوعي وضعا متقابلا وكأنهما نقيضان لا يلتقيان .
هنا تثور التفرقة بين الدساتير المرنة والدساتير الجامدة من ناحية . وتثور التفرقة بين السمو الموضوعي والسمو الشكلي للقواعد الدستورية من ناحية أخرى
تقسم الدساتير من حيث تدوينها أو عدم تدوينها إلى دساتير مدونة و غير مدونة، ومن حيث طريقة تعديلها إلى دساتير مرنة و دساتير جامدة .
ü        الفرع الأول: الدساتير المدونة و ال غير المدونة
الدساتير المدونة : يعتبر الدستور مدونا او مكتوبا إذا كانت غالبية قواعده مكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق رسمية.ولا يقصد بالتدوين مجرد تسجيل القواعد الدستورية في وثيقة مكتوبة بل تسجيلها في وثيقة رسمية صدرت من المشرع الدستوري أي من السلطة المختصة بسنها وباتباع اجراءات معينة (4) .

(1)مطيع المختار. القانون العام.مفاهيم ومؤسسات.نفس المصدر السابق- ص66-
(2) محمد   البوزيدي-المختصر في القانون الدستوري والأنظمة الدستورية-مكتبة المعارف .الطبعة الأولى 1971- الرباط
(3) ) مطيع المختار. القانون العام.مفاهيم ومؤسسات.نفس المصدر السابق-ص68
(4) مطيع المختار. القانون العام.مفاهيم ومؤسسات.نفس المصدر السابق-ص67

الدساتير غير المدونة وهي عبارة عن قواعد عرفية استمر العمل بها لسنوات طويلة حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم و تسمى أحيانا الدساتير العرفية، نظرا لأن العرف يعتبر المصدر الرئيسي لقواعدها ، ويعتبر الدستور الإنجليزي المثال الأبرز على الدساتير غير المدونة لأنه يأخذ غالبية أحكامه من العرف، وبعضها من القضاء ، وان وجدت بعض الأحكام الدستورية المكتوبة مثل قانون سنة 1958 الذي سمح للنساء بأن يكن عضوات في مجلس اللوردات .
وأما الجدل الدي دار بين انصار كل من الدستورين العرفي و المكتوبة يبقى الدستور المكتوب هو الأفضل بدليل ان دساتير جميع دول العالم(بأستثناء بريطانيا)هي دساتير مكتوبة ودلك نظرا لما تتميز به القواعد الدستورية المكتوبة من الوضوح والدقة(1)
ü      الفرع الثاني: الدساتير المرنة والدساتير الجامدة
الدساتير المرنة هي التي يمكن تعديلها بنفس الإجراءات التي يتم بها تعديل القوانين العادية أي بواسطة السلطة التشريعية وأبرز مثال لها هو الدستور الإنجليزي .
الدساتير الجامدة : هي التي يستلزم تعديلها إجراءات أشد من تلك التي تم بها تعديل القوانين العادية ، و مثال ذلك دستور أستراليا الفيدرالى, الذى يتطلب موافقة أعلبية مواطنى أغلبية الولايات, بالإضافة إلى أغلبية الأصوات على المستوى الفيدرالى.
ومرونة الدستور أو جموده هي مسالة لا تتعلق بطريقة وضع الدستور ولا بأحكام الدستور الموضوعية وانما تتعلق أساسا بطريقة تعديل الدستور . الدساتير التي تقتضي لتعديلها إجراءات وأشكالا اشد واقسي مما يتطلبه تعديل القوانين العادية تعتبر دساتير جامدة فهي جامدة أذن لان وسيلة تعديلها ليست في سهولة ويسر تعديل القوانين العادية ولكنها ليست جامدة بمعني أن قواعدها الموضوعية جامدة أو رجعية أو قديمة أو ما إلى ذلك من أوصاف . لا شان لوصف الدستور بالمرونة أو الجمود بقواعد الدستور الموضوعية وفلسفتها إنما يعد الدستور مرنا إذا كان القواعد المطلوبة لتعديله هي ذات القواعد والإجراءات المطلوبة لتعديل القوانين العادية ، ويمكن للقانون العادي من ثم أن يعدل بعض قواعد الدستور كما هو الحال في المملكة المتحدة . أمام الدساتير الجامدة فان تعديلها أو تعديل بعض نصوصها يتطلب إجراءات مغايرة واكثر شدة وتعقيدا من تعديل القواعد القانونية العادية ، ويمكن للقانون العادي من ثم أن يعدل بعض قواعد الدستور كما هو الحال في المملكة المتحدة . أمام الدساتير الجامدة فان تعديلها أو تعديل بعض نصوصها يتطلب إجراءات مغايرة واكثر شدة وتعقيدا من تعديل القواعد القانونية العادية . ومن ثم فان القانون العادي لا يستطيع أن يعدل قاعدة دستورية هذا هو معني المرونة والجمود بالنسبة للدساتير واشهر الأمثلة للدساتير المرنة الدستور البريطاني ذلك أن البرلمان البريطاني وهو سلطة التشريع يملك أن يغير ويعدل في القواعد الدستورية سواء كانت مكتوبة أو عرفية بنفس القواعد والإجراءات والأغلبية التي يغير ويعدل بها القواعد القانونية العادية . يستطيع البرلمان البريطاني أن يلغي النظام الملكي وان يحل محله النظام الجمهوري – نظريا – بنفس القواعد والإجراءات والأغلبية التي يعدل بها قوانين المرور . والحقيقة أن الدساتير المرنة تمثل الوضع النادر ذلك أن الغالبية العظمي من دساتير دول العالم هي الآن دساتير جامدة بمعني أن تعديل نصوص هذه الدساتير يقتضي إجراءات خاصة ينص عليها الدستور نفسه وهي إجراءات تختلف عن إجراءات تعديل القوانين العادية وتمتاز منها بالصعوبة والشدةوهذا أمر مفهوم ذلك أن الدساتير يفترض فيها أن تكون اكثر ثباتا واستقرارا من القوانين العادية ذلك أن الدستور هو الذي يحدد أسس النظام السياسي بل والاقتصادي أيضا في بلد من البلاد ويضع الفلسفة الأساسية التي يقوم عليها النظام وان يتغير النام نفسه في فترات متسارعة متقاربة . حقا لم يقل أحد أن أحكام الدستور يجب أن تظل خالدة أو دائمة فلا شئ في الدنيا وفي عالم السياسة والنظم السياسية يمكن أن يظل خالدا أو دائما ، ولكن ذلك شئ وسرعة التغيير وتلاحقه شئ أخر ومن هنا يمكن أن نقول أن استقرار النظام السياسي – ولو لفترة معينة – يقتضي قدرا من الاستقرار والاستمرار في النظام الدستوري وهذا بدوره يقتضي نوعا من الثبات في القواعد الدستورية وعدم إمكان تعديلها وتغييرها بيسر علي نحو ما يحدث مع القوانين العادية . وهذا هو معني جمود الدستور وجمود الدستور بهذا المعني يؤدي إلى نتيجة لازمة هي أن قواعد الدستور اسمي وأعلا مرتبة من قواعد القوانين العادية . وان القوانين العادية لا تستطيع أن تخرج علي حكم وضعه الدستور(2)

الم طلب الثاني : الأساليب التي تنشأ بها الدساتير

تتنوع الأساليب التي تنشأ بها الدساتير بتنوع أنظمة الحكم في العالم. وذلك لأن كل دستور هو نتاج للأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة به، وعلى وجه الخصوص مستوى التطور الذي بلغه النظام السياسي وتبعا لدرجة التطور الديمقراطي في كل دولة من هذه الدول، وكذا لتقاليدها وخبراتها السياسية ، وهى تتطور بتطور أنظمة الحكم في كل دولة من الدول ، ففي ظل الأنظمة السياسية القديمة القائمة على الحكم المطلق حيث لا حدود ولا قيود على سلطات الحكام لم تنشأ الدساتير المكتوبة، لأن هذه الدساتير ما نشأت إلا لتقييد سلطات الحكام والحد منها، ولكن مع انتشار الأفكار الديمقراطية، والرغبة في الحد من الحكم المطلق، ظهرت الحاجة إلى تدوين الدساتير، من أجل تحديد الواجبات والحقوق لكل من الحكام والمحكومين. بإتباع طرق تختلف باختلاف الدولة ودرجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيها. وقد يلعب الأسلوب الذي يتبع في وضع الدستور دوراً هاما في كشف المذهب السياسي الذي ينطوي عليه. فما هي هذه الأساليب المتبعة التي تنشأ بواسطتها الدساتير؟
تنشأ الدساتير بأساليب مختلفة ومتعددة،


         (1)مطيع المختار- القانون العام مفاهيم ومؤسسات-مرجع سابق دكره   -ص69
  (2) ستارتايمز-منتدى شؤن قانونية-تاريخ الاطلاع 14/04/2008        www.startimes2.com  

الفرع الأول : أسباب ودوافع وضع الدساتير
إن انهيار الحكم الملكي المطلق بعد الثورات الأوربية وسيطرة البرجوازية على السلطة إلى جانب ظهور فكرة القومية وانحسار الاستعمار كانت من الأسباب والدوافع الرئيسية في دسترة أنظمة الحكم، وكان غرض شعوب تلك الأنظمة إثبات سيادتها الداخلية واستقلاليتها، وذلك بواسطة تنظيم الحياة السياسية بوضع دستور يبين السلطات وعلاقاتها في الدولة الجديدة وعلاقاتها بالمحكومين والدول الأخرى. وأن هذه الدول بوضع الدستور تؤهل نفسها لإقامة حوار بين السلطة والحرية فكأنها تعلن للغير بأنها وصلت إلى مرحلة النضج السياسي، ولها الحق في الانضمام للمجتمع الدول ي(1) . وكما أشرنا سابقا على إثر الحرب العالمية الأولى، زاد انتشار الدساتير المكتوبة كنتيجة منطقية، بحيث حددت اختصاصات الحكام ومدى السلطات التي تحت أيديهم والواجبات المفروضة عليهم حتى لا تتكرر نفس التجربة (التعسف في استعمال السلطة)، كما أن حركة التحرر، ساهمت بشكل فعال في انتشار هذه الظاهرة، بالأخص إذا علمنا أن أغلب هذه الدول تفتقر إلى رصيد دستوري، كانعدام حياة دستورية سابقة..أو عدم وجود أعراف سابقة..كل هذا كان سببا مباشرا لوضع دستور مكتوب الى جانب ضرورة اقتناء وتدوين وثيقة دستورية للإنضمام في المجتمع الدولي مثل غينيا قد اعلن عن استقلالها يوم 02 أكتوبر 1958، وفي ذلك الوقت كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة منعقدة، ولكي يضمن الرئيس سيكوتوري الحصول على الموافقة، أصدر دستور في 10 نوفمبر 1958، واعلنت الأمم المتحدة عن قبولها كعضو في 12 نوفمبر 1958. وفي الكويت دستور 1962 إذ كانت قد قبلت في جامعة الدول العربية في 30 يوليو 1961 بمجرد اعلان استقلالها في 19 يونيو 1961، فإنها لم تقبل في المم المتحدة ولم تنظم الى المجتمع الدولي إلا في 14 مايو 1963 أي بعد صدور دستورها في 11 نوفمبر 1962، وإذا كانت حركة الدساتير المكتوبة قد سادت الدول العربية، إلا أن بعض دول الخليج تفتقر إلى دستور مكتوب ولا يوجد فيها دستور مدون على نسق الدساتير المعاصرة (2)
الفرع الثاني :الأساليب غير الديمقراطية لوضع الدساتير ونشأتها

يمكن تعريف الأساليب غير الديمقراطية لنشأة الدساتير بأنها الأساليب التي لا يستأثر الشعب وحده في وضعها، وإنما الذي يضعها هو الحاكم وحده (منحة) أو بالاشتراك مع الأمة أو الشعب (عقد). وهما أسلوبان تزامنا مع تطور الملكية من ملكية مطلقة إلى ملكية مقيد (3)
الفقرة الأولى: أسلوب المنحة:
يصدر الدستور في شكل منحة إذا تنازل الحاكم بإرادته المنفردة عن بعض سلطاته للشعب، أو أن يحددها ببعض القيود، بواسطة قواعد قانونية يمن بها على شعبه في صورة دستور. والأصل في هذه الدساتير أن الحاكم هو مصدر السلطات، ومنبع الحقوق والحريات، يجمع بين يديه الوظائف والاختصاصات، ومن بينها الاختصاص التأسيسي. غير أن انتشار الأفكار الديمقراطية، ونضج وعي الشعوب بحقوقها، والدعوة إلى الحد من من السلطان المطلق، دفع الحكام إلى منح شعوبهم دساتير، تنازلوا بموجبها عن جزء من سيادتهم، ليظهروا بمظهر المتفضلين على شعوبهم، قبل أن تجبرهم الأوضاع على التنازل عن جٌل سيادتهم، وبالتالي يفقدون هيبتهم وكرامتهم.
وهكذا؛ وعلى الرغم من أن الشكل الخارجي للدستور الصادر بطريق المنحة يظهر على أنه عمل قانوني صادر بالإرادة المنفردة للحاكم، فإن الدستور لم يكن ليصدر إلا نتيجة لضغط الشعوب على حكامها، ووعيها بحقوقها، وخوف الحاكم من ثورتها وتمردها. ويسجل لنا التاريخ أمثلة كثيرة لدساتير صدرت بطريق المنحة، ومنها الدستور الفرنسي لعام 1814 الذي أصدره لويس الثامن عشر للأمة الفرنسية ، وجدير بالذكر إن معظم دساتير الولايات الألمانية في القرن التاسع عشر صدرت بهذه الطريقة. ومن أمثلة الدساتير الممنوحة كذلك: الدستور الإيطالي لعام 1848 والدستور الياباني لعام 1889، ودستور روسيا لسنة 1906، وإمارة موناكو لعام 1911، وكذلك الدستور المصري لعام 1923، ودستور إثيوبيا لعام 1931، والقانون الأساسي لشرقي الأردن لعام 1926، ودستور الإمارات العربية المتحدة لسنة 1971 وكذلك الدستور القطري لسنة  1971(4)
ونتيجة لصدور الدستور بطريقة المنحة يثور تساؤل هام، حول قدرة الحاكم الذي منح الدستور هل له الحق في سحبه أو إلغائه ؟ وللإجابة على هذا السؤال انقسم الفقه إلى اتجاهين :-
يذهب أولهما إلى قدرة الحاكم على استرداد دستوره طالما كان هذا الدستور قد صدر بإرادته المنفردة، عل شكل منحة، لأن من يملك المنح يملك الاسترداد يساند هذا الرأي أمثلة حدثت فعلاً، حيث أصدر شارل العاشر
 ملك فرنسا قراراً ملكياً عام 1830 بإلغاء دستور عام 1814، تحت حجة أن المنحة أو الهبة في الحقوق العامة تشبه الهبة في الحقوق الخاصة، وكما يحق للواهب الرجوع عن الهبة. يحق للملك الرجوع عن دستوره، إذا صدر عن الشعب جحود للمنحة ونكران للجميل.
*ويذكر ثانيهما على الحاكم حق استرداد دستوره، ما دام هذا الدستور قد صدر، حيث تترتب عليه حقوق للأمة، فلا يحق للحاكم - عندها - المساس به إلا بالاستناد إلى الطرق القانونية المقررة بالدستور نفسه، حتى التسليم بأن صدور الدستور كان وليداً للإرادة المنفرد للحاكم، لأن هذه الإرادة تصلح أن تكون مصدراً للالتزامات، متى ما صادفت قبولاً من ذوي الشأن. وجدير بالإشارة أن الدستور الصادر بطريقة المنحة يدرس على اعتبار أنه مرحلة تاريخية، تمثلت بالانتقال من الملكيات المطلقة إلى الملكيات المقيدة، وقد انقضت وانتهت هذه المرحلة منذ زمن، نتيجة لزوال الحكم الفردي، واستعادة معظم الشعوب لكامل حقوقها في السيادة والسلطة. ومع ذلك، فما زالت بعض الدساتير تعتمد على الإرادة المنفردة للحاكم، في نشأتها وفي إصدارها، منذ تسلمه للسلطة وحتى مماته، وإن أمكن استبداله بغيره...وقائمة الدساتير التي صدرت بهذه الطريقة كبيرة. ولنا بعالمنا العربي أمثلة متعددة، حتى أن بعضها لا يزال نافذاً إلى يومنا هذا (5)


(1) - سعيد بوشعير، مرجع سبق ذكره،ص139
(2) - فوزي أوصديق،الوافي في شرح القانونالدستوري. الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، الجزء الثاني، الطبعةالأولى، 1994، ص40
(3)    نعمان أحمد الخطيب،الوسيط في النظم السياسية والقانون الدستوري. الطبعة الأولى،الإصدار الأول، الأردن: مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع
      ، http://forum.montadayat. org       - تاريخ الاطلاع   19/04/2008   (4) فاطمةسعيد . ”أساليب نشأةالدساتير“.البحرين: منتديات البحرين   ، 2002م.
(5) ، 2002م. فاطمةسعيد . ”أساليب نشأةالدساتير“.البحرين: منتديات البحرين،   تاريخ الاطلاع   19/04/2008 http://forum.montadayat.org  
الفقرة الثانية :أسلوب العقد أو الاتفاق

ينشأ الدستور وفق طريقة العقد بناء على اتفاق بين الحاكم من جهة والشعب من جهة أخرى. أي لا تنفرد إرادة الحاكم بوضع الدستور كما هو الحال في صدور الدستور على شكل منحة، وإنما يصدر الدستور تبعاً لهذه الطريقة بتوافق إرادتي كل من الحاكم والشعب. ويترتب على ذلك ألا يكون بمقدور أي من طرفي العقد الانفراد بإلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله. وعلى هذا النحو تٌمثل طريقة العقد أسلوباً متقدماً على طريقة المنحة، لأن الشعب يشترك مع الحاكم في وضع الدستور في طريقة العقد، بينما ينفرد الحاكم بوضع الدستور في طريقة المنحة. وبناء على ذلك؛ يعد أسلوب العقد مرحلة انتقال باتجاه الأساليب الديمقراطية خاصة وأن ظهور هذا الأسلوب - لأول مرة - كان نتيجة لنشوب ثورات، في كل من انجلتراوفرنسا. ففي إنجلترا ثار الأشراف ضد الملك جون، فأجبروه على توقيع العهد الأعظم في عام 1215 ، الذي يتعبر مصدراً أساسياُ للحقوق والحريات. وبنفس الطريقة؛ تم وضع وثيقة الحقوق لعام 1689 بعد اندلاع ثورة ضد الملك جيمس الثاني، حيث اجتمع ممثلون عن الشعب، ووضعوا هذه الوثيقة، التي قيدت سلطات الملك، وكفلت الحقوق والحريات الأساسية للأفراد. وتمت دعوة الأمير وليم الأورنجي لتولي العرش، على أساس الالتزام بالقيود الواردة بالوثيقة. وتشكل هاتان الوثيقتان جزءاً هاماً من الدستور الإنجليزي الذي يتكون معظمه من القواعد العرفية.
أما في فرنسا فقدر صدر أول دستور فيها بطريقة العقد إثر ثورة سنة 1830 ضد الملك شارل العاشر، ووضع مشروع دستور جديد من قبل جمعية منتخبة من قبل الشعب، ومن ثم دعوة الأمير لويس فيليب لتولي العرش، إذا قبل بالشروط الواردة بالدستور الجديد. وبعد قبول الأمير بهذه الشروط نودي به ملكاً على فرنسا.
ويشار كذلك؛ إلى أن جميع الدساتير التي صدرت بطريقة العقد كانت من عمل جمعيات منتخبة، والأمثلة على هذا النوع من الدساتير عديدة نذكر منها الميثاق الأعظم في انجلتلرا سنة 1215 الذي هو جزء من دستور انجلترا، وكذلك قانون الحقوق الصادر سنة 1688 في نفس البلد، ودساتير كل من اليونان لسنة1844، ورومانيا لسنة 1864، وبلغاريا لسنة 1979، والقانون الأساسي العراقي لعام 1925، والدستورين الكويتي لسنة 1962 والبحريني لسنة 1973. حيث وضعت المجالس التشريعية في هذه الدول الدساتير المذكورة، ثم دعت أمراء أجانب لتولي العرش على أساس الالتزام بأحكامها. وعلى الرغم من أن أسلوب العقد يعد أسلوبا تقدمياً أكثر من أسلوب المنحة، فإنه لا يعد أسلوبا ديمقراطيا خالصاً، لأنه يضع إرادة الحاكم على قدم المساواة مع إرادة الشعب، بينما تفترض الديمقراطية أن يكون الشعب هو صاحب السيادة، لا يشاركه فيها ملك ولا أمير.

الفرع الثالث :الأساليب الديمقراطية لوضع الدساتير ونشأتها

يمكن تعريف الأساليب الديمقراطية في وضع الدساتير، بأنها الأساليب التي تستأثر الأمة وحدها في وضعها دون مشاركة الحاكم ملكا كان أو أميرا أو رئيسا للجمهورية. وبغض النظر عن التفصيلات والإجراءات المتبعة في وضع الدساتير داخل إطار هذا المفهوم الديمقراطي في وضع الدساتير، يمكن جمع هذه الأساليب في أسلوبين رئيسيين هما الجمعية التأسيسية وأسلوب الاستفتاء الشعبي ( 1) .

الفقرة الأولى: أسلوب الجمعية التأسيسية

تعد نشأة الدساتير وفقاً لهذا الأسلوب منطلقة من مبدأ السيادة الشعبية، كما ينظر إليه أيضاً على أنه من الأساليب الديمقراطية لخلق الدساتير حيث يمثل مرحلة أكثر تقدماً في نضال الشعوب ضد الحاكم المطلق .
ويصدر الدستور وفقاً لأسلوب الجمعية التأسيسية من مجلس أو جمعية تنتخب بصفة خاصة من الشعب ونيابة عنه، يعهد إليها بمهام وضع وإصدار دستور جديد يصبح واجب النفاذ. ولذا فإن هذه الجمعية التأسيسية أو كما يطلق عليها البعض اسم الجمعية النيابية التأسيسية هي في الواقع تجمع كل السلطات في الدولة فهي سلطة تأسيسية تشريعية وتنفيذية. وهذا الأسلوب في وضع الدساتير هو الذي تم إتباعه في وضع معظم الدساتير التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. وكأمثلة تاريخية على أسلوب الجمعية التأسيسية نذكر دساتير الولايات المتحدة الأمريكية عقب استقلالها من إنجلترا عام 1776م كما اتخذته أمريكا أسلوباً في وضع وإقرار دستورها الاتحادي لعام 1787 م وقد انتشرت هذه الطريقة فيما بعد فاعتمد رجال الثورة الفرنسية هذا الأسلوب من ذلك دستور فرنسا لعام 1791 م، وعام 1848 م، وعام 1875 م ، وقد انتهج هذه الطريقة كل من اليابان عام 1947م، والدستور الإيطالي عام 1947م، والدستور التشيكوسلوفاكي عام 1948 م، والدستور الروماني عام 1948م، والدستور الهندي 1949م، والدستور السوري عام 1950 وتعد هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من الطريقتين السابقتين، إذ أن الدستور يقوم بوضعه في هذه الحالة جمعية منتخبة من الشعب.
كما أن هذه الطريقة تحتوي على العديد من المخاطر يمكن تلخيصها كالآتي:   

  احتمال انحراف الجمعية التأسيسية عن غرضها المنشود، بتفوق السلطة التشريعية على باقي السلطات الأخرى، لكون أغلب الأعضاء فيها تراودهم فكرة الترشح للمرة الثانية.
    الاعتماد على فكرة الجمعية التأسيسية يحتمل فيها استحواذ هذه الأخيرة على جميع الاختصاصات، مما قد يخلق عجزا وانسدادا أثناء معالجة المشاكل الشائكة وقت الأزمات. 1
  2 احتمال رفض الشعب للجمعية التأسيسية بعد إقرارها للدستور، وهذا فعلا ما حدث في دستور الجمعية الفرنسية الرابعة سنة 1946م، مما بدد الطاقات والمجهودات ( 2)




          (1)- نعمان أحمد الخطيب، مرجع سبق ذكره، ص486.

        (2) - فوزي أوصديق،مرجع سبق ذكره،ص52    

الفقرة الثانية : الاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء الدستوري

ينشأ الدستور وفقاً لهذا الأسلوب من خلال الإرادة الشعبية الحرة، إذ يفترض أن يقوم الشعب أو يشترك بنفسه في مباشرة السلطة التأسيسية، في هذه الحالة يصدر الدستور مباشرة من الشعب الذي يوكل الأمر إلى جمعية منتخبة تكون مهمتها وضع مشروع الدستور أو إلى لجنة معينة من قبل الحكومة أو البرلمان إن وجد، ومن أجل أن يكون استفتاء دستوري يجب أن تكوّن أولا هيئة أو لجنة تقوم بتحضير مشروع الدستور وعرضه على الشعب لاستفتائه فيه، لأخذ رأي الشعب في مشروع الدستور ، ولكن هذا المشروع لا تصبح له قيمة قانونية إلا بعد عرضه على الشعب واستفتائه فيه وموافقته عليه. علماً بأنه ليس بلازم أن تقوم بوضع الدستور -المراد الاستفتاء عليه- جميعة تأسيسية نيابية، وإنما يفترض أن تكون هناك هيئة أو جمعية أو لجنة أو شخصية، قد أسند إليها وقامت بالفعل بإعداد مشروع الدستور، كما حدث بالنسبة لبعض دساتير العالم.  ولا يختلف الأمر إذا كانت هذه الجمعية أو اللجنة التحضيرية للدستور منتخبة أو معينة، إذ تقتصر مهمتها على مجرد تحضير الدستور فحسب تمهيداً لعرضه على الشعب للاستفتاء عليه بالموافقة أو بالرفض، ويعتبر تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء هو الفصل في بدء سريان الدستور والعمل بأحكامه.
وإذا كان بعض الفقهاء قد ذهب إلى عدم اعتبار أسلوب الاستفتاء الشعبي أسلوبا متميزا عن أسلوب الجمعية التأسيسية أي عدم التفرقة بين الجمعية التأسيسية والاستفتاء السياسي على أساس طريقة واحدة، بل يعتبرون الاستفتاء مكملا للجمعية التأسيسية، فهو حلقة له ويستدلون بالعديد من القرائن التاريخية، فقد يوضع المشروع الدستوري بواسطة جمعية تأسيسية، مثال ذلك دستور 1946 ، وقد يوضع عن طريق لجنة حكومية، ومثال ذلك الدستور المصري الصادر سنة 1956، أو دستور الجمهورية الخامسة 1958.
وأخيرا ما يمكن قوله في هذه المسألة هو وجود اختلاف بين الجمعية التأسيسية والاستفتاء الدستوري، فالأول يتخذ قوته الإلزامية بمجرد صدوره عن الجمعية، فلا يشترط فيه عرضه على الشعب، وهذا فعلا ما حدث سنة 1946 في فرنسا،بحيث الجمعية التأسيسية أقرها الدستور في مايو 1946 ، وعرضه على الشعب، فرفض الموافقة
عليه مما أدى إلى إنشاء جمعية تأسيسية أخرى لصياغة المشروع من جديد وعرضه على الشعب في أكتوبر 1946 الذي وافق عليه. كما يجب التفرقة بين الاستفتاء الدستوري والاستفتاء السياسي، فقد تنتهج هذه الطريقة لترويض الشعب لقبول الأوضاع السائدة، فهو إقراري (بمعنى إقرار مشروع دستوري تضعه جمعية تأسيسية رغم اختلاف في تكوينها، كما حدث للدساتير الفرنسية (1793-1795-1946)، أو دستور ايرلندا الحرة سنة 1973. وليس كاشفا للإرادة الشعبية، فالشعب في هذا الموطن له دور سلبي، بحيث يستشار شكليا لتبييض وجه النظام الحاكم، كالاستفتاء بشأن إبقاء نابليون قنصلا عاما مدى الحياة 1802 أو استفتاء سنة 1804 بشأن توارث الإمبراطورية في سلالة نابليون ( 1)
وقد أتبع هذا الدستور في وضع دستورنا لسنة 1976 ودستور ايطاليا لسنة 1948 والعديد من الدساتير الحديثة.كما تعتبر هذه الطريقة أكثر ديمقراطية من غيرها، إلا أنها لكي تحقق تلك الميزة أهدافها يجب أن يكون الشعب واعيا ومدركا للعمل العظيم الذي يقوم به، ونظرا لصعوبة تحقيق هذه الأمنية فان على السلطة التي تريد مشاركة الشعب فعلا في اتخاذ القرارات الحاسمة أن تتجنب تقديم النصوص المعقدة له بل تقدمها فقط للبرلمان بشرط أن يكون برلمانا وليس هيئة فنية استشارية وتقتصر على تقديم المسائل البسيطة الواضحة على أن تسبقها حملة إعلامية وتنظم مناقشات حول الموضوع حتى يشعر الشعب بأنه شارك فعلا في وضع النص ولم يقتصر على تقديم استشارة (2)
طريقة المعاهدات الدولية : بعض الدساتير يمكن أن ترجع في نشأتها إلى معاهدات دولية مثل الدستور البولندي لعام 1815 والدستور الألماني لعام 1871، حيث يكون الدستور مستمدا من معاهدة دولية.  
·      المبحث الثاني: مراجعة الدستور انهاء   وزواله

المطلب الأول : مراجعة الدستور
ان الوثيقة الدستورية كيفما كانت الطريفة التي وضعت به لا تتصف بالكمال و الخلود وغير قابلة للبقاء على الدوام.فهي عمل بشري تتطور مع تطور الظروف وتتغير تبعا لتغيرها.و استجابة لهدا التطور ينبغي ان يخضع الدستور للتعديل و المراجعة ودلك عن طريق اضافة بعض الفصول والمقتضيات القانونية للوثيقة الدستورية الأصليةة او حدف بعض المواد منها ةاو عن طريق الاضافة و الخدف معا. و المراجعة بهدا المعنى لا تكون الا في الدساتير الجامدة.كما تسمى السلطة الكلفة بمراجعة الدستور بالسلطة التأسيسية الفرعية او المشتقة لأنها متفرعة عن السلطة
التأسيسية الأصلية التي وضعت الدستور ومشتقة منها.وقد اختلف الفقهاء بشأن تحديد السلطة التي تملك حق تعديل الدستور وظهرت ثلاثة اتجاهات في هدا الشأن  : اتجاه يجعل حق التعديل مسموحا به لجميع افراد الشعبة وأخر يعتبر ان سلطة التعديل من حق ممثلي الشعب وثالث يقول بأن الدستور هو الدي يحدد السلطة المختصة بالتعديل.وغالبا ما تمر عملية تعديل الدستور في معظم دول المعمور من ثلاثة مراحل  : مرحلة الاقتراح او المبادرة ومرحلة التصديق.ثم مرحلة الاقرار.وجميع هده المراحل محددة دستوريا وينبغي احترامها.وقد يعطى حق التقدم بالمبدرة في هدا المجال لرئيس الدولة كما هو الشأن بالنسبة للدساتير الممنوحة او الدساتير الشبه الديمقراطية.فالدستور المغربي مثلا لعام 1970 يخص الملك وحده بمبادرة المراجعة.وقد تعطي بعض الدساتير هدا الحق للحكومة وحدهامثل دساتير نابليون الأول ونابليون الثالث.وبعض الدساتير تعطي هدا الحق للبرلمان كالدستور الفرنسي لسنة 1791.ودستور الاتحاد السوفياتي لعام1977 الدي كان يعطي هدا الخق لمجلس السوفييت الأعلى.وتخول دساتير اخرى هدا الخق للشعب او لنوابه على السواء ودلك مثل دستور الاتحاد الفيدرالي السويسري حيث يمكن ل100.000من المواطنين ان يوفعوا عريضة تتضمن مبادرة مراجعة لمادة او مواد دستورية.وفي ايطالي يخق دلك ل500.000ناخب.وتعطي بعض الدساتير حق مبادرة المراجعة لمؤسستين للحفاظ على التوازن بين اجهزة الحكم .فدستور الجمهورية الخامسة بفرنسا مثلا يعطي هدا الحق لرئيس الدولة ولأعضاء البرلمان كما ان الفصل 103 من الدستور المغربي لعام 1996 (3)

(1)فوزيأوصديق،مرجع سبق ذكره، ص53.
(2)-سعيد بوشعير، مرجع سبق ذكره، ص152.
(3) مطيع المختار- القانون العام مفاهيم ومؤسسات-مرجع سابق دكره -ص81و 82
يخول لململك ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاد المبادرة قصد مراجعة الدستور.كما يضيف بأن الملك له خق استقتاء الشعب مباشرة في شأن المشرع الدي يستهدف به مراجعة الدستور...
بعد عملية المبادرة او الاقتراخ تأتي عملية المراجعة و المصادقة.و تختلف السلطة التي تقوم بهده العملية حسب الدساتير.فيمكن ان تكون السلطة التشريعية كما هو الشأن بالنسبة لاسبانيا حسب دستور06/12/1978.حيث يصادق الكورتيس عللى المراجعة وفق مسطرة معقدة.ونفس الشيء بالنسبة للمغرب حسب دستور1996حيث ان اقتراح مراجعة الدستور الدي يتقدم
به عضو او اكثر من اعضاء مجلس النواب او مجلس المستشارين لا تصح الموافقة عليه الا بتصويت ثلثي الأعضاء الدي يتألف منهم المجلس المعروض عليه الاقتراح.ويحال الاقتراح بعد دلك على المجلس الاخر و لا تصح موافقته عليه الا بأغلبية ثلثي الأعضاءاادين يتألف منهم وهناك بعض الدساتير تجعل ان العملية تمر مباشرة من المبادرة الى المصادقة النهائية...
كما تجب الاشارة انه يمنع تعديل الفصول المتعلقة بالنظام الملكي و الدين الاسلامي من قبل جميع الدساتير المغربية.وأحيانا يمنع تعديل الدستور خلال فترة زمنية محددة .الهدف من دلك طبعا ضمان سريان أحكام الدستور خلال مدة زمنيو معينةحتى تستمر عملية تطبيقه من قبل الحكام والمحكومين.قبل السماح بمراجعة أحكامه(1)
                       المطلب الثاني : انهاء الدستور وزواله
رغم اختلاف الدساتير من حيث أساليب نشأتها أو الطريقة التي لاقت بها نهايتها، إلا أن التجارب الدستورية والفقه الدستوري يُرجعان نهاية الدساتير إلى أسلوبين، الأول قانوني (عادي) والثاني فعلي (غير عادي ).
1.     الفرع الأول :   الأسلوب القانوني:

ويعرف هذا الأسلوب أيضاً بأسلوب السلطة التأسيسية، حيث أن الأمة بصفتها صاحبة السلطة التأسيسية الأصلية تظل دائماً وأبداً صاحبة الحق في أن تلغي دستورها في أي وقت تشاء، وأن تضع أو تصدر دستوراً جديداً عن طريق جمعية تأسيسية أخرىتنتخبها لهذا الغرض أو عن طريق استفتاء تأسيسي، مع مراعاة أن يتوافق الدستور الجديد مع طموحات الشعب ويتلائم مع متطلباته، ويعمل على سد الثغرات وتلافي العيوب أو النقص بين الدستور القائم والدستور الجديد والجدير بالذكر هنا أن نهاية الدستور القديم، وإصدار السلطة التأسيسية لدستور جديد في دولة ما هو حق من حقوقها الأساسية ومظهر من مظاهر ممارسة سيادتها على شعبها وعلى إقليمها. فقيام نفس السلطة وبنفس الوسيلة بإلغاء الدستور ووضع نهاية له، هي الطريقة الشرعية لنهاية الدساتير الفرع الثاني :    الأسلوب الفعلي:

بطريق الثورة أو الانقلاب: ويعتبر هذا الأسلوب لإسقاط الدساتير هو الأوسع انتشارا.ً والثورة هي حركة سياسية تهدف أصلا إلى تغيير رجال الحكم، فهي في جوهرها صراع على السلطة من أجل تحقيق الخير والرقي والتقدم للشعب الذي قامت من أجله وليس من أجل أحداث الخراب والدمار والتخلف ، كما أن الثورة وإن كان أحد أسسها اجتماعيا ، فهي سياسة في شكلها ونتائجها، تهدف أساساً إلى إجراء إصلاح أساسي في الدولة، وهذا الإصلاح أمر لا بد منه لتحقيق أهدافها التي أعلنت عنها عند قيامها . فالأداة الشرعية " المعتادة " لتحقيق الثورة يحدث بالاستيلاء على زمام السلطة في الدولة دون نية الاستئثار بها إلى الأبد أو إلى أجل طويل . والثورة في جوهرها ضغط تقوم به " طبقة اجتماعية " على تنظيم سياسي لا يعمل على إشباع حاجاتها التي أصبحت مشروعة بسبب تزايد أهميتها ونمو خطرها وحرمانها من المشاركة في الحكم. فما يهدف إليه الثوريون الحقيقيون بالفعل ليس التربع على السلطة لمجرد اللذة التي يستمدها المرء من مباشرة السلطة والتمتع بها وتحقيق المصالح والمطامح الشخصية، لأن الحكم يعتبر أداة لسن القوانين والتشريعات، والطبقة التي تملك مقاليد الحكم تعد ثورية إذا سعت واجتهدت في خلق قواعد قانونية هدفها إشباع رغبات وحاجات الشعب وتحقيق المصحة والرفاهية العامة ، لأن العلاقة القانونية كما يمثلها الشعور الجماعي في زمن معين، في مجتمع معين يعتبر القانون هو أداة تعبيرها. ولذا فإن ما تضعه وتؤسسه الطبقة التي وصلت إلى الحكم عن طريق الثورة من نظام دستوري وتشريعي، سيرتدي طابع هذه الروحالجديدة ويصبح أداة تعبير عن هذه العلاقات الاجتماعية الجديدة ووسيلة لنهوض المجتمع وتقدمه .
ü       الفرع الرابع :    أثر الثورة على القواعد الدستورية والقواعد القانونية العامة :

اختلف الفقهاء حول حياة الدستور القديم في ظل الأوضاع التي أفرزتها الثورة فانقسموا إلى اتجاهين :
*
 الاتجاه الأول : ينادي بالسقوط التلقائي للدستور، دون إصدار تشريع يؤكد ذلك السقوط، فهدف الثورة هو القضاء على النظام السياسي القائم .*الاتجاه الثاني: يرى سقوط الدستور متوقف على إرادة القائمين بالثورة، لأنه ليس من الحتمي، أن ثورة ناجحة تعني إسقاط النظام القانوني السائد قبل قيامه، بل ممكن في بعض الأحيان الممارسة الغير السليمة والتلاعب بالدستور قد يولد ثورة للدفاع عنه قصد إنهاء العبث به، فلذلك يجب على قادة الثورة الإفصاح عن هدفها بالإعلان الرسمي عن بقائه أو تغييره ليتلائم مع الأوضاع الجديدة .إن القواعد الأساسية تخضع لحكم الدستور من حيث الإسقاط نتيجة لأهميتها في تنظيم نظام الحكم، فإذا أراد القائمون على الثورة إبقائها فتظل قائمة وإن أرادوا إلغائها صراحة أو ضمنيا فتلغى، أما بالنسبة للقوانين العادية فيبقى سريانها، كونها لم تتعلق بالتنظيم السياسي للدولة.(2)



(1) مطيع المختار- القانون العام مفاهيم ومؤسسات-مرجع سابق دكره -ص81و 82
(2) ستارتايمز-منتدى شؤن قانونية-تاريخ الاطلاع 14/04/2008          www.startimes2.com  
خلاصة
ان قواعد الدستور اسمى واعلى مرتبة من قواعد القوانين العادية التي لا تستطيع ان تخرج على احكام وقواعد القانون الأخرى لكون الدستعور هو الدي يحدد فلسفة نظام الحكم و أسسه وقواعده وكل ما يبنى عللى هده الفلسفة والأسس و القواعد يجب ان يكون متفقا معها غير خارج عليها

ويمتاز الدستور المكتوب على الدستور العرفي بأن نصوصه واضحو وثابثة لا يتطرق اليها شك ولا ريب وللدلك يصعب التلاعب بأحكامه وفقا للأهواء المختلفة عكس الدستور العرفي الدي قد تصبح قواعده مجالا لتفسيرات عدة و أراء مختلفة ومتباينة ادن فتدوين الدستور يسهل على الأفراد التمسك به ازاء الحاكمين كما انه يبين بوصوح حقوق السلطات العامة واختصاصاتها فلا تتجاوزها اما مزايا الدستور العرفي فتتلخص في مرونته وقدلرته على مواجهة التطورات المختلفة .و الحقيقة ان الدستور سواء اكان عرفيا ام مكتوبا انما يستمد قوته من ملائمته للمجتمع ومن كيفية تعضيد الرأي العام لأحكتمه فالدستور الانجليزي وهو عرفي تحترمه الحكومات الانجليزية المتعاقبة ويعد أكثر الساتير ثباثا(1)والدولة التي تحترم دستورها في مختلف مستوياتها رئيس الدولة والشعب والحكومة و القضاء تجد الاحترام الكامل في الخارج(2)

كما أن نشأة الدساتير قد تتباين وفقاً للظروف التي يوجد فيها كل دستور، وهذا بالتالي يعتمد على النظام السياسي القائم ونوع الحكم السائد في البلاد. ومن ثم فقد مرت عملية نشأة الدساتير بعدة مراحل: المرحلة الأولى كان الملوك ينفردون بالسلطة التأسيسية من الناحية القانونية وهو ما أطلقنا عليه أسلوب المنحة، المرحلة الثانية وهى المرحلة التي تبرز فيها جهود الشعب عن طريق هيئات تعمل باسمه لحمل الملوك على الاعتراف بحق الشعب في المشاركة في السلطة التأسيسية، وهو ما يعرف بأسلوب التعاقد، المرحلة الثالثة وهى مرحلة إنفراد الشعب بالسلطة التأسيسية وهو أسلوب الجمعية التأسيسية، والذي قد أدى إلى ظهور أسلوب الاستفتاء الدستوري، في الحالات التي لا يباشر فيها الشعب بنفسه السلطة التأسيسية ويوكلها إلى هيئة أو لجنة مختصة، تضع مشروع الدستور الذي لا يتحول إلى دستور إلا بعد موافقة الشعب عليه في الاستفتاء العام. ويجب الأخذ بعين الاعتبار عند البدء في وضع مسودة الدستور تجنب الاعتماد على أسلوب أو اصطلاحات معينة ومحددة مثل أساليب العقد أو التعاقد أو المنحة، وينبغي أن ينصب جهد اللجنة التأسيسية على دراسة حقائق نشأة الدستور في ضوء الظروف السياسية التي صاحبت نشأته في المجتمع. والثابت فقهاً أن أسلوب الاستفتاء الشعبي لا يكون إلا بشأن موضوع محدد لإقراره، ومثاله الاستفتاء بشأن تغيير شكل نظام الحكم أو الاستفتاء على مشروع الدستور. إذ ينبغي قانوناً أن يكون الانتخاب المباشر من الشعب هو الأداة الشرعية لاختياره واستفتائه فيه بالموافقة أو الرفض

وكون الساتير عمل بشري فانها لا تتسم بالخلود والأبدية وبالتالي فقد تقتضي التغيرات و التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية... الى تعديل الدستور او الغائه او انهائه.وبالتلي يمكن ان اي دستور في العالم   تتراوح مدة عيشه بين ثلاثة مراحل اساسية

المرحلة الأولى مرحلة النشأة والميلاد حيث يتم وضعه
المرحلة الثانية مرحلة تطور الدستور تتم عبر تعديل الدستور
المرحلة الثالثة مرحلة نهاية الدساتير والغائها


وبالتالي فالدساتير قد تتعدل وقد تتغير نهائيا فهي ليست قرانا منزلا ولكنها قوانين سامية تؤكد المصلحة استمرارها ولكن المصلحة نفسها قد تؤكد ضرورة تغييرها ادا برهنت على عدم صلاحيتها او عدم صلاحية بعض فصولها لتحقيق الديمقلراطية او الاستمرار الحكم وسلامته

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets